فصل: (الجن: آية 6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

شجر بين أهل السنّة والاعتزال خلاف حول كرامات الأولياء فقد قال الزمخشري بصدد الحديث عن قوله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا} بعد كلام طويل: وفي هذا إبطال للكرامات لأن الذين تضاف إليهم وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسل وقد خصّ اللّه الرسل من بين المرتضين بالاطّلاع على الغيب وإبطال الكهانة والتنجيم لأن أصحابها أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط.
وتعقبه ابن المنير فقال: ادعى عاما واستدل خاصا فإن دعواه إبطال الكرامات بجميع أنواعها والمدلول عليه بالآية إبطال اطّلاع الولي على الغيب خاصة ولا يكون كرامة وخارق العادة إلا الاطّلاع على الغيب لا غير وما القدرية إلا ولهم شبهة في إبطالها وذلك أن اللّه عز وجل لا يتخذ منهم وليّا أبدا وهم لم يحدثوا بذلك عن أشياعهم قطّ فلا جرم أنهم يستمرون على الإنكار ولا يعلمون أن شرط الكرامة الولاية وهي مسلوبة عنهم اتفاقا أما سلب الإيمان فمسألة خلاف.... وهو يريد الكرامة لأنه لم يؤتها.
ونحا القرطبي نحوا آخر فقال: قال العلماء لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه ثم استثنى من ارتضاه من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم.
ثم ذكر استدلالا على بطلان ما يقوله المنجم ثم قال باستحلال دم المنجم.
وقال الواحدي: في هذا دليل على أن من ادّعى أن النجوم تدل على ما يكون من حياة أو موت أو غير ذلك فقد كفر بما في القرآن.
وقال أبو عبد اللّه الرازي: والواحدي تجوز الكرامات على ما قال صاحب الكشاف بجعلها تدل على المنع من الأحكام النجومية ولا تدل على الإلهامات مجرد تشبه، وعندي أن الآية لا تدل على شيء مما قالوه لأن قوله: على غيبه ليس فيه صفة عموم. إلى أن يقول: واعلم أنه لابد من القطع بأنه ليس المراد من هذه الآية أنه لا يطّلع أحد على شيء من المغيبات إلا الرسل عليهم الصلاة والسلام والذي يدل عليه وجوه:
أحدها: أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن شقا وسطيحا كانا كاهنين يخبران بظهور محمد صلى الله عليه وسلم قبل زمان ظهوره وكانا في العرب مشهورين بهذا النوع من العلم حتى رجع إليهما كسرى في تعرّف أخبار رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: إطباق الأمم على صحة علم التعبير فيخبر المعبر عمّا يأتي في المستقبل ويكون صادقا.
وثالثها: أن الكاهنة البغدادية التي نقلها السلطان سنجر بن ملكشاه من بغداد إلى خراسان سألها عن أشياء في المستقبل فأخبرت بها ووقعت على وفق كلامها فقد رأيت أناسا محققين في علوم الكلام والحكمة حكوا عنها أنها أخبرت عن الأشياء الغائبة على سبيل التفصيل وجاءت كذلك، وبالغ أبو البركات صاحب المعتبر في شرح حالها في كتاب التعبير وقال: فحصت عن حالها منذ ثلاثين سنة حتى تيقنت أنها كانت تخبر عن المغيبات أخبارا مطابقة موافقة.
ورابعها: أنّا نشاهد أصحاب الإلهامات الصادقة وليس هذا مختصا بالأولياء فقد يوجد في السحرة وفي الأخبار النجومية ما يوافق الصدق وإن كان الكذب يقع منهم كثيرا وإذا كان ذلك مشاهدا محسوسا فالقول بأن القرآن يدل على خلافه مما يجر إلى الطعن بالقرآن وذلك باطل فعلمنا أن التأويل الصحيح ما ذكرناه.
وتعقبه أبو حيان فقال: وإنما أوردنا كلام هذا الرجل في هذه المسألة لننظر فيما ذكر من تلك الوجوه، أما قصة شق وسطيح فليس فيها شيء من الإخبار بالغيب لأنه فما يخبر به رئي الكهان من الشياطين مسترقة السمع كما جاء في الحديث «أنهم يسمعون وبل الكلمة ويكذبون ويلقون إلى الكهنة وتزيد الكهنة للكلمة مائة كذبة» وليس هذا من علم الغيب إذ تكلمت به الملائكة وتلقفها الجنّي وتلقفها منه الكاهن فالكاهن لم يعلم الغيب، وأما تعبير المنامات فالمعبر غير المعصوم لا يعبّر بذلك على سبيل القطع والبت بل على سبيل الحزر والتخمين فقد يقع ما يعبر وقد لا يقع، وأما الكاهنة البغدادية وما حكي عنها فحسبه عقلا أن يستدل بأحوال امرأة لم يشاهدها ولو شاهد ذلك لكان في عقله ما يجوز أنه ليس عليه هذا وهو العالم المصنّف الذي طبق ذكره الآفاق وهو الذي شكك في دلائل الفلاسفة وسامهم الخسف، وأما حكايته عن صاحب المعتبر فهو يهودي أظهر الإسلام وهو منتحل طريقة الفلاسفة، وأما مشاهدته أصحاب الإلهامات الصادقة فلي من العمر نحو من ثلاث وسبعين سنة أصحب العلماء وأتردد إلى من ينتمي إلى الصلاح ولم أر أحدا منهم صاحب إلهام صادق، وأما الكرامات فإني لا أشك في صدور شيء منها لكن ذلك على سبيل الندرة وذلك فيما سلف من صلحاء هذه الأمة وربما قد يكون في أعصارنا من تصدر منه الكرامة وللّه تعالى أن يخصّ من شاء بما شاء. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الجن:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
قوله تعالى: {أوحي إليّ} يقرأ أحى بغير واو وأصله وحى، يقال وحى وأوحى ثم قلبت الواو المضمومة همزة.
وما في هذه السورة من أن فبعضه مفتوح وبعضه مكسور، وفي بعضه اختلاف، فما كان معطوفا على {أنه استمع} فهو مفتوح لا غير لأنها مصدرية.
وموضعها رفع بـ: {أوحى}، وما كان معطوفا على {أنا سمعنا} فهو مكسور لأنه حكى بعد القول، وما صح أن يكون معطوفا على الهاء في به كان على قول الكوفيين على تقدير: وبأن ولا يجيزه البصريون لأن حرف الجر يلزم إعادته عندهم هنا، فأما قوله تعالى: {وأن المساجد لله} فالفتح على وجهين: أحدهما هو معطوف على أنه استمع فيكون {قد أوحى} والثانى أن يكون متعلقا بـ: {تدعو}: أي فلا تشركوا مع الله أحدا لأن المساجد له: أي مواضع السجود، وقيل هو جمع مسجد وهو مصدر، ومن كسر استأنف.
وأما {وأنه لما قام} فيحتمل العطف على {أنه استمع} وعلى {إنا سمعنا}.
و{شططا} نعت لمصدر محذوف: أي قولا شططا وكذلك {كذبا} أي قولا كذبا.
ويقرأ {تقول} بالتشديد، فيجوز أن يكون كذبا مفعولا ونعتا.
و{رصدا} أي مرصدا أو ذا إرصاد.
و{أشر} فاعلي فعل محذوف: أي أريد شر.
و{قددا} جمع قدة مثل عدة وعدد.
و{هربا} مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى: {وأن لو استقاموا} أن مخففة من الثقيلة ولو عرض كالسين وسوف وقيل {لو} بمعنى أن، وإن بمعنى اللام وليست لازمة كقوله تعالى: {لئن لم ينته} وقال تعالى في موضع آخر {وإن لم ينتهوا} ذكره ابن فصال في البرهان.
والهاء في {يدعوه} ضمير اسم الله: أي قام موحدا لله.
و{لبدا} جمع لبدة، ويقرأ بضم اللام وفتح الباء مثل حطم وهو نعت للمبالغة، ويقرأ مشددا مثل صوم.
قوله تعالى: {إلا بلاغا} هو من غير الجنس.
و{من أضعف} قد ذكر أمثاله.
و{من ارتضى} من استثناء من الجنس، وقيل هو مبتدأ والخبر.
{فإنه} و{رصدا} مفعول يسلك: أي ملائكة رصدا.
و{عددا} مصدر، لأن {أحصى} بمعنى عد، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة الجن:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

.[الجن: آية 1]:

{قُلْ أوحي إليّ أنّهُ اسْتمع نفرٌ مِن الْجِنِّ فقالوا إِنّا سمِعْنا قرآنا عجبا (1)}
{قُلْ} أمر فاعله مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها {أُوحِي} ماض مبني للمجهول {إِليّ} متعلقان بالفعل {أنّهُ اسْتمع} أن واسمها وماض {نفرٌ} فاعله {مِن الْجِنِّ} صفة {نفر} والجملة الفعلية خبر أن والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها نائب فاعل {أوحي} وجملة {أوحي..} مقول القول {فقالوا} الفاء حرف عطف وماض وفاعله والجملة معطوفة على جملة {استمع} {إِنّا} إن واسمها {سمِعْنا قرآنا} ماض وفاعله ومفعوله {عجبا} صفة والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية مقول القول.

.[الجن: آية 2]:

{يهْدِي إِلى الرُّشْدِ فآمنّا بِهِ ولنْ نُشْرِك بِربِّنا أحدا (2)}.
{يهْدِي} مضارع فاعله مستتر {إِلى الرُّشْدِ} متعلقان بالفعل والجملة صفة ثانية لـ: {قرآنا} {فآمنّا} ماض وفاعله {بِهِ} متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على ما قبلها {ولنْ نُشْرِك} مضارع منصوب بلن فاعله مستتر {بِربِّنا} متعلقان بالفعل {أحدا} مفعول به والجملة معطوفة على ما قبلها أيضا.

.[الجن: آية 3]:

{وأنّهُ تعالى جدُّ ربِّنا ما اتّخذ صاحِبة ولا ولدا (3)}.
{وأنّهُ} الواو حرف عطف وأن واسمها {تعالى جدُّ} ماض وفاعله، أي تنزه عما نسب إليه. {ربِّنا} مضاف إليه والجملة الفعلية خبر أن والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها {ما اتّخذ} ما نافية وماض فاعله مستتر {صاحِبة} مفعول به {ولا ولدا} معطوف على {صاحبة} والجملة حال.

.[الجن: آية 4]:

{وأنّهُ كان يقول سفِيهُنا على اللّهِ شططا (4)}.
{وأنّهُ كان} أن واسمها وماض ناقص اسمه مستتر {يقول سفِيهُنا} مضارع وفاعله والجملة خبر كان وجملة {كان} خبر أن وجملة {أنه} معطوفة على ما قبلها {على اللّهِ} متعلقان بـ: {يقول} {شططا} صفة مفعول مطلق محذوف.

.[الجن: آية 5]:

{وأنّا ظننّا أنْ لنْ تقول الْإِنْسُ والْجِنُّ على اللّهِ كذِبا (5)}.
{وأنّا ظننّا} أن واسمها وماض وفاعله والجملة خبر أن والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها {أنْ لنْ تقول} أن مخففة واسمها ضمير الشأن محذوف ومضارع منصوب بلن {الْإِنْسُ} فاعل {والْجِنُّ} معطوف على {الإنس} {على اللّهِ} متعلقان بالفعل {كذِبا} مفعول به وجملة {لن تقول} خبر أن المخففة والمصدر المؤول من أن المخففة واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي {ظننا}.

.[الجن: آية 6]:

{وأنّهُ كان رِجالٌ مِن الْإِنْسِ يعُوذُون بِرِجالٍ مِن الْجِنِّ فزادُوهُمْ رهقا (6)}.
{وأنّهُ كان رِجالٌ} أن واسمها وماض ناقص واسمه {مِن الْإِنْسِ} صفة {رجال} {يعُوذُون} مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر كان وجملة كان خبر أنه وجملة أنه معطوفة على ما قبلها {بِرِجالٍ} متعلقان بـ: {يعوذون} {مِن الْجِنِّ} صفة {رجال} {فزادُوهُمْ} ماض وفاعله ومفعوله الأول {رهقا} مفعول به ثان والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[الجن: آية 7]:

{وأنّهُمْ ظنُّوا كما ظننْتُمْ أنْ لنْ يبْعث اللّهُ أحدا (7)}.
{وأنّهُمْ ظنُّوا} أن واسمها وماض وفاعله والجملة خبر {أنهم} والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها {كما} صفة مفعول مطلق محذوف {ظننْتُمْ} ماض وفاعله والجملة صلة الموصول (أن) أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف {لنْ يبْعث اللّهُ} مضارع منصوب بلن ولفظ الجلالة فاعله {أحدا} مفعوله والجملة الفعلية خبر أن والمصدر من أن المخففة وما بعدها سد مسد مفعولي ظن.